الإمارات- السابعة الإخبارية
محمد بن راشد.. خطوة تحمل معاني إنسانية عميقة وتؤكد رسوخ قيم التسامح والعطاء التي تميّز دولة الإمارات، أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، توجيهاته بالإفراج عن 2025 من نزلاء المؤسسات الإصلاحية والعقابية في دبي من مختلف الجنسيات، وذلك بمناسبة احتفالات الدولة بعيد الاتحاد الرابع والخمسين.
ويعد هذا القرار من محمد بن راشد من أكبر قرارات الإفراج الجماعي في تاريخ الإمارة، ليعكس رؤية قيادة تضع الإنسان في قلب مسيرة التنمية، وتمنح الأمل لمن تعثر في لحظة من حياته.
وقد أكد المستشار عصام عيسى الحميدان، النائب العام لإمارة دبي، أنّ هذا القرار السامي يأتي منسجماً مع روح المناسبة الوطنية العزيزة، حيث يجسد ما تأسس عليه الاتحاد منذ خمسين عاماً وأكثر من مبادئ العدالة والرحمة وإعلاء قيمة الإنسان. وأشار إلى أنّ توجيهات سموه تعكس إيمان القيادة بأن الإصلاح يبدأ بإتاحة الفرصة مجدداً لكل من أثبت حسن النية والرغبة الصادقة في العودة إلى الطريق الصحيح، وهو ما يجعل قرار الإفراج ليس مجرد إجراء قانوني، بل مبادرة إنسانية واجتماعية متكاملة.
وأوضح الحميدان أنّ النيابة العامة بدأت فور صدور الأمر بالتنسيق المباشر مع القيادة العامة لشرطة دبي لاستكمال الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة لتنفيذ الإفراج، بحيث تتم العملية وفق أعلى درجات الدقة والالتزام، مع التأكيد على ضمان حقوق النزلاء وتسريع عملية انخراطهم مجدداً في المجتمع.

قرار يعزز قيم الاتحاد
ويحمل الإفراج عن هذا العدد الكبير من النزلاء، وفي مناسبة وطنية راسخة مثل عيد الاتحاد، دلالات عميقة تعكس النهج الذي تبنته دولة الإمارات منذ تأسيسها. فالاتحاد لم يكن مجرد بناء لمؤسسات قوية فحسب، بل كان مشروعاً حضارياً يقوم على رعاية الإنسان وتمكينه وإعادة دمجه مهما كانت العثرات التي واجهته. ومن خلال هذا القرار، يجدد الشيخ محمد بن راشد التأكيد على أن المجتمع الإماراتي يفتح ذراعيه دائماً لأبنائه، ويمنحهم الفرصة للبدء من جديد.
كما يرسّخ القرار مكانة الإمارات كدولة سبّاقة في تطبيق المبادرات الإنسانية التي تتجاوز الجانب القانوني لتلامس حياة الأفراد وعائلاتهم، ما يبعث الطمأنينة في نفوس الأسر ويعيد الأمل إلى قلوب الآباء والأمهات الذين ينتظرون أبناءهم بفارغ الصبر. وتنعكس هذه الخطوة كذلك إيجاباً على النسيج الاجتماعي، إذ تتيح للمفرج عنهم فرصة استعادة دورهم الطبيعي في المجتمع والمساهمة في مسيرة التنمية.
رسالة واضحة: الإصلاح قبل العقاب
لطالما أكدت القيادة الإماراتية أنّ المؤسسات العقابية ليست أماكن للعقوبة فحسب، بل بيئة للإصلاح وإعادة التأهيل. ويأتي قرار الإفراج ليعكس هذا التوجه بوضوح، فهو بمثابة مكافأة لكل من أثبت التزامه بقواعد المؤسسة الإصلاحية وأظهر رغبة حقيقية في بدء فصل جديد في حياته. كما أنّه يشجع الآخرين على اتباع هذا النهج الإيجابي، ما يخلق بيئة إصلاحية أكثر فعالية وإنسانية.
ويشير المختصون في الشأن القانوني والاجتماعي إلى أنّ مثل هذه القرارات تترك أثراً بالغاً على النزلاء، إذ تمنحهم دافعاً إضافياً للعمل على تحسين سلوكهم وبناء مستقبل أفضل لهم ولأسرهم. كما أنها تعزز ثقة المجتمع في منظومة العدالة الإماراتية القائمة على التوازن بين أحكام القانون ومبادئ الرحمة.
تنفيذ منظم وجهود متكاملة
وتعمل الجهات المعنية في دبي — وعلى رأسها النيابة العامة وشرطة دبي — على تنفيذ القرار وفق خطة مدروسة، تشمل مراجعة ملفات النزلاء المستفيدين والتأكد من استيفائهم الشروط القانونية، إضافة إلى ترتيب الإجراءات المتعلقة بخروجهم وتسليمهم إلى ذويهم، بما يضمن انتقالاً سلساً إلى حياتهم الجديدة خارج أسوار المؤسسة.
كما تتعاون المؤسسات الاجتماعية في الإمارة مع الجهات الرسمية لضمان تقديم الدعم اللازم للمفرج عنهم، سواء من خلال مبادرات التوظيف أو برامج الدعم النفسي والاجتماعي، ما يساعدهم على بناء حياة مستقرة تسهم في تعزيز الأمن المجتمعي واستدامة التنمية.

خطوة تحمل الأمل وتعمّق الانتماء
في هذه المناسبة الوطنية العظيمة، يأتي قرار الإفراج ليضيف بُعداً إنسانياً إلى الاحتفالات بعيد الاتحاد، حيث يشكل بشارة فرح لآلاف الأسر، ويعزز شعور الانتماء لدى أفراد المجتمع الذين يدركون أنّ دولة الإمارات لا تتخلى عن أبنائها، بل تمنحهم دائماً فرصة جديدة للارتقاء.
وهكذا، يمضي الاتحاد في عامه الرابع والخمسين أكثر قوة ورسوخاً، مستلهماً رؤية قيادة تؤمن بالإنسان أولاً، وتعمل على بناء مستقبل يتسع للجميع. وبفضل مبادرات كهذه، تواصل الإمارات مسيرتها كدولة نموذجية في التسامح والعدالة واحترام القانون، دولة توازن بين الحزم في تطبيق أحكامها والرحمة في قراراتها، ليبقى المجتمع أكثر تماسكاً وازدهاراً.

