مصر – السابعة الإخبارية
شهدت منصات التواصل الاجتماعي في مصر خلال الأيام الماضية حالة من الغليان والجدل الواسع بعد انتشار صورة جديدة للطبيب النفسي ومختص المخ والأعصاب محمد مغربي، الذي بات اسمه يتردد بكثافة بين المستخدمين، بل وتحول إلى عنوان رئيسي في أحاديث الشارع والفضاء الإلكتروني. الضجة لم تكن مجرد إعجاب بصورة، بل تحولت إلى موجة غير مسبوقة من التفاعل وصلت إلى حد إعلان بعض الشباب فسخ خطوبتهم أو علاقاتهم العاطفية، فيما سُمّي على المنصات بـ”قنبلة الانفصالات”.

من هو محمد مغربي؟
محمد مغربي، البالغ من العمر 32 عاماً، يُعد أحد أبرز مقدمي المحتوى الطبي والنفسي على مواقع التواصل. وُلد في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، ويقيم حالياً في محافظة الجيزة. وعلى مدار عشر سنوات من العمل الإعلامي الرقمي، استطاع أن يبني قاعدة جماهيرية واسعة تتجاوز 2.2 مليون متابع عبر منصاته المختلفة، مقدماً محتوى يتراوح بين التوعية النفسية وشرح تخصص المخ والأعصاب، إضافة إلى فيديوهات محفزة تهدف لدعم الصحة النفسية لدى الشباب.
ويمتلك مغربي درجة الماجستير في تخصصه الطبي، ويدير عدداً من العيادات الخاصة، كما عُرف عنه اهتمامه بالفنون؛ فهو يعزف الغيتار ويحب الغناء والتصوير، ما أضفى على شخصيته حضوراً طاغياً وجاذبية جعلته قريباً من الجمهور، لا سيما فئة الشباب.
وفي ظهور سابق له، تحدث مغربي عن شخصيته قائلاً إنه “عصبي بعض الشيء”، لكنه يرى أن ذلك ليس مشكلة طالما لا يؤثر على الآخرين، وهو تصريح لاقى حينها تفاعلاً لأنه يعكس شفافية في الحديث عن الصفات الشخصية، وهو أمر نادراً ما يقدم عليه الأطباء علناً.
صورة واحدة تكفي لإشعال السوشيال ميديا
الشرارة التي أطلقت العاصفة كانت صورة نشرها مغربي على حسابه الرسمي في “فيسبوك”. ورغم أن الطبيب اعتاد نشر الصور بين الحين والآخر، فإن هذه الصورة تحديداً لاقت انتشاراً غير مسبوق، وبدأت التعليقات تنهال عليها، لا سيما من جانب الفتيات، حيث حمل بعضها طابع الإعجاب أو الغزل الخفيف.
لكن الأمور لم تبقَ في الإطار المعتاد؛ فقد قام بعض المستخدمين—بقصد المزاح أو ربما بدافع الغيرة—بإرسال صور التعليقات إلى خطباء أو أزواج تلك الفتيات، وهو ما تسبب في توتر العلاقات بين عدد من الأزواج، ليعلن العديد منهم، وفق منشورات انتشرت بسرعة، فسخ خطوبتهم أو إنهاء علاقتهم. ومع اتساع رقعة التفاعل، بدأ الحديث يتخذ منحى أكثر درامية، وتم تداول القصة على نطاق واسع تحت وسم “أزمة الانفصالات”.
ورغم أن جزءاً كبيراً من المتابعين تعاطى مع الأمر بنبرة ساخرة، فإن آخرين رأوا أن انتشار الظاهرة بهذا الشكل يعكس أزمة اجتماعية تمتد إلى مفهوم الثقة بين الشريكين، وطريقة استخدام السوشيال ميديا، بالإضافة إلى تساؤلات حول الحدود المقبولة في التعليق على صور المشاهير.

جدل اجتماعي… ما بين اللوم والتبرير
الضجة انقسمت حولها الآراء. ففريق كبير حمّل الشباب المسؤولية، معتبرين أن ردود فعلهم مبالغ فيها ولا تعكس نضجاً عاطفياً، وأن مجرد تعليق أو إعجاب لا يصلح أن يكون سبباً لإفساد علاقة قائمة. بينما رأى فريق آخر أن بعض التعليقات تخطت حدود اللياقة والحياء، وأن ما حدث—إذا صحّ—يستدعي الوقوف عنده ومناقشة تأثير السوشيال ميديا على العلاقات الاجتماعية.
وفي خضم هذا الجدل، لزم مغربي الصمت التام. لم يعلق على ما جرى، ولم يُصدر أي بيان عبر صفحاته، ما زاد من الغموض حول موقفه، ودفع البعض للتساؤل عما إذا كان يتعمد الابتعاد لعدم تغذية الجدل، أم أنه غير راضٍ عن الطريقة التي جرى فيها استخدام اسمه.
تشكيك في صحة التعليقات… وحسابات وهمية
ومع ارتفاع وتيرة النقاش، بدأ كثيرون يشككون في صحة التعليقات التي انتشرت، مشيرين إلى أن بعضها قد يكون مفبركاً أو تم صنعه لغرض السخرية والضحك. وبالفعل، أظهرت مراجعات لاحقة أن أحد الحسابات التي أعلنت فسخ خطبتها لم يكن حقيقياً، بل تبين أنه حساب وهمي يستخدم صورة مصمم غرافيك ليبي استولى أحدهم على صورته لإنشاء حساب باسم آخر.
هذا الاكتشاف دفع كثيرين إلى إعادة النظر في الضجة من الأساس، معتبرين أن ما جرى هو مجرد “تريند” تضخم بفعل السوشيال ميديا، وأن الحدث أخذ حجمه من التفاعل لا من الواقع الحقيقي.
مطالبات بالتحقيق… وأسئلة بلا إجابات
وسط كل هذه الفوضى الرقمية، ارتفعت أصوات تطالب الجهات الرسمية بالتأكد من مؤهلات الطبيب محمد مغربي وحدود استخدامه للألقاب المهنية مثل “استشاري”، وهو مطلب تكرر في السنوات الأخيرة تجاه مؤثري الصحة الذين يقدمون محتوى طبياً عبر المنصات.
ومع ذلك، لم يصدر أي تعليق رسمي حتى الآن، ولم يخرج مغربي نفسه ليُدافع أو يوضح أو ينفي، ما أبقى الأمر رهن التكهنات، وأبقى اسمه متصدراً قوائم الترند.
في النهاية… ظاهرة أم درس اجتماعي؟
سواء كانت الأزمة حقيقية أم مجرد صناعة رقمية، فإن قصة محمد مغربي أعادت تسليط الضوء على تأثير مواقع التواصل في العلاقات الإنسانية، وكيف يمكن لصورة واحدة أن تتسبب في موجة جدل تتصدر المشهد الإعلامي. كما أعادت النقاش حول مفهوم الثقة، وحدود التفاعل، وطريقة استهلاك الجمهور للمحتوى.
وبين الحقيقة والمبالغة، يبقى الطبيب محمد مغربي مثالاً على قدرة السوشيال ميديا على خلق أبطال فجائيين، وعلى أن ضغطة زر واحدة قد تغيّر مسار حديث مجتمع كامل.

