أمريكا- السابعة الإخبارية
شهدت أسواق الطاقة العالمية موجة ارتفاع ملحوظة في أسعار النفط، عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض حصار على حركة ناقلات النفط من وإلى فنزويلا، في خطوة اعتبرها محللون تصعيداً غير متوقع قد يفتح فصلاً جديداً من التوترات الجيوسياسية ذات التأثير المباشر على إمدادات الطاقة العالمية.
قفزة في الأسعار بعد سنوات من التراجع
في التعاملات الآسيوية، ارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة تجاوزت 1.7% ليصل إلى نحو 56.9 دولار للبرميل، فيما صعد خام برنت بأكثر من 1.5% مسجلاً قرابة 60.6 دولار للبرميل. وجاء هذا الارتفاع بعد فترة من الضغوط السعرية التي دفعت النفط إلى أدنى مستوياته خلال خمس سنوات، مدفوعاً بمخاوف تباطؤ الاقتصاد العالمي وتوقعات بزيادة المعروض.
التحرك السريع للأسعار عكس حساسية السوق تجاه أي تطور سياسي يمس دولاً منتجة للنفط، حتى وإن كانت مساهمتها في الإمدادات العالمية محدودة نسبياً، كما هو حال فنزويلا.

تفاصيل القرار الأمريكي
القرار الذي أعلنه ترامب يقضي بمنع دخول وخروج ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات الأمريكية من الموانئ الفنزويلية، مع تصنيف إدارة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو كـ«منظمة إرهابية أجنبية». ورغم أن آلية تنفيذ القرار لا تزال غير واضحة، فإن مجرد الإعلان عنه كان كافياً لإشعال مخاوف المستثمرين من اضطراب جديد في سلاسل الإمداد.
وتُعد هذه الخطوة من أشد الإجراءات الأمريكية صرامة تجاه فنزويلا في السنوات الأخيرة، إذ لا تقتصر على العقوبات المالية، بل تمتد إلى تضييق الخناق البحري على صادرات النفط، التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الفنزويلي.
صادرات متوقفة وتأثير فوري
بحسب بيانات جمركية ومصادر في قطاع الشحن، توقفت معظم الصادرات النفطية الفنزويلية بالفعل عقب الإعلان عن الحصار، رغم محاولات الشركة الوطنية استئناف تحميل بعض الشحنات بعد تعطلها إثر هجوم إلكتروني. في المقابل، واصلت سفن شركة شيفرون الإبحار نحو الولايات المتحدة استناداً إلى تراخيص سابقة، ما يعكس تعقيد المشهد وتعدد الاستثناءات.
ويرى مراقبون أن توقف الصادرات، حتى لو كان مؤقتاً، يعزز حالة القلق في الأسواق، خصوصاً في ظل هشاشة التوازن بين العرض والطلب عالمياً، واستمرار التوترات في مناطق أخرى منتجة للطاقة.
مخاوف الإمدادات في صدارة المشهد
قال محللون في أسواق الطاقة إن التصعيد الأمريكي أثار تساؤلات جوهرية حول استقرار الإمدادات في المرحلة المقبلة. وأشار توني سيكامور، محلل الأسواق لدى IG، إلى أن «التصعيد غير المتوقع للضغط على نظام مادورو، حتى دون تفاصيل تنفيذ واضحة، كفيل بإثارة مخاوف المستثمرين بشأن اضطراب الإمدادات».
وتتزايد هذه المخاوف في وقت يشهد فيه العالم تقلبات جيوسياسية متعددة، من بينها الحرب في أوكرانيا واحتمالات تخفيف العقوبات على روسيا، وهو ما كان قد ضغط سابقاً على الأسعار قبل أن تعود للارتفاع مع التطورات الجديدة في فنزويلا.

وزن فنزويلا في السوق العالمية
على الرغم من أن النفط الفنزويلي يمثل نحو 1% فقط من الإمدادات العالمية، فإن تأثيره لا يُقاس بالحجم وحده، بل بالسياق العام للسوق. فالصادرات الفنزويلية تتركز بشكل أساسي في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، ما يجعل أي تعطل فيها عاملاً إضافياً في معادلة العرض والطلب الآسيوية.
غير أن بعض الخبراء يرون أن وفرة المخزونات العائمة في آسيا وضعف الطلب العالمي قد يحدّان من الأثر طويل الأمد لهذا الحصار، مشيرين إلى أن الارتفاع الحالي قد يكون مدفوعاً بعامل نفسي أكثر منه بعجز فعلي في الإمدادات.
إلى أين تتجه الأسعار؟
يبقى السؤال الأبرز: هل يمثل هذا الارتفاع بداية موجة صعود جديدة أم مجرد رد فعل مؤقت؟ الإجابة، وفق المحللين، مرهونة بعدة عوامل، أبرزها كيفية تنفيذ القرار الأمريكي، وردود فعل الدول المستوردة، إضافة إلى مسار الأزمات الجيوسياسية الأخرى.
في المحصلة، يؤكد التطور الأخير أن سوق النفط لا تزال رهينة السياسة بقدر ما هي رهينة الاقتصاد، وأن أي قرار مفاجئ من قوة كبرى قادر على تحريك الأسعار في ساعات قليلة، مهما بدا تأثيره محدوداً على الورق
