لوس أنجليس- السابعة الإخبارية
أشعل ظهور صادم لنجم سابق في قناة نيكلوديون موجة واسعة من التعاطف والجدل عبر منصات التواصل الاجتماعي، بعد تداول مقطع فيديو مؤلم يوثق معاناة الممثل الأميركي تايلور تشيس، البالغ من العمر 36 عامًا، وهو يعيش حالة تشرد في شوارع مدينة لوس أنجليس، في مشهد أعاد إلى الواجهة الأسئلة القديمة حول مصير نجوم الطفولة وحدود المسؤولية الاجتماعية في التعامل مع قضايا الصحة النفسية.
فيديو يهز الجمهور ويوقظ الذاكرة الجماعية
الشرارة الأولى للقصة جاءت بعدما عثرت مؤثرة مواقع التواصل الاجتماعي المعروفة باسم “ليثال لالي”، واسمها الحقيقي سيتلالي ويلسون، على تشيس في أحد شوارع لوس أنجليس، وقامت بتصوير مقطع فيديو يوثق حالته المعيشية الصادمة. وسرعان ما انتشر الفيديو كالنار في الهشيم، مثيرًا حالة من الذهول بين متابعيه ومعجبي مسلسل
“Ned’s Declassified School Survival Guide”، الذي حقق شهرة واسعة في العقد الأول من الألفية، وجسد فيه تشيس شخصية “مارتن كويرلي”.
بالنسبة لكثيرين، كان المشهد صادمًا، إذ ظهر نجم طفولتهم وقد تبدلت ملامحه تمامًا، بعيدًا عن الأضواء، ومحاصرًا بواقع قاسٍ لم يتخيله جمهوره يوماً.
View this post on Instagram
حملة تبرعات… نوايا حسنة ونتائج مثيرة للجدل
في أعقاب الانتشار الواسع للفيديو، أطلقت ويلسون حملة تبرعات عبر منصة “GoFundMe”، جمعت ما يزيد على 1200 دولار، تعهدت خلالها بتأمين سكن آمن، وطعام، واحتياجات أساسية، إلى جانب موارد تساعد تشيس على استعادة حياته الطبيعية.
غير أن مجريات الأمور سارت في اتجاه مختلف عما توقعه كثير من المتبرعين. فقد نشرت المؤثرة لاحقًا سلسلة مقاطع فيديو توضح كيفية إنفاق الأموال، مشيرة إلى أنها قامت بشراء ملابس جديدة لتايلور، شملت سترات وبناطيل وأحذية، بالإضافة إلى حقيبة ظهر.
مشهد إنساني أم استعراض مؤلم؟
أحد أكثر المقاطع إثارة للجدل بدأ بلحظة قامت فيها ويلسون بغسل شعر تشيس على الرصيف باستخدام زجاجة مياه بلاستيكية، قبل أن تقدم له أكياس الملابس الجديدة. وظهر الممثل السابق متأثرًا وهو يتلقى الهدايا، ضامًا يديه قائلاً:
“شكرًا جزيلاً، هذه جميلة جدًا”.
وصفت ويلسون ما قامت به بأنه “بركة من الله” ووسيلة لمساعدة شخص محتاج، قبل أن تعلن إغلاق باب التبرعات بعد الوصول إلى المبلغ المحدد، مؤكدة أنها أدت ما استطاعت.
تحذيرات من الدائرة المقربة
لكن القصة لم تتوقف عند هذا الحد. فقد كشف شخص مقرب من تايلور تشيس، تواصل مع ويلسون بشكل خاص، أن المشكلة أعمق بكثير من مجرد احتياجات مادية. وأوضح أن تشيس يعاني اضطرابات نفسية خطيرة، ويحتاج إلى رعاية طبية متخصصة وليس إلى أموال، مشيرًا إلى أنه يرفض العلاج.
وأضاف أن المقربين حاولوا مرارًا مساعدته، حتى أنهم اشتروا له عدة هواتف محمولة، إلا أنه كان يفقدها خلال يوم أو يومين، في دلالة على عدم قدرته على إدارة شؤونه اليومية أو الالتزام بتناول أدويته.

خلفية نفسية معقدة
معجبون ومتابعون أعادوا التذكير بمحتوى سابق نشره تشيس على قناته في “يوتيوب”، تحدث فيه بصراحة عن معاناته مع اضطراب ثنائي القطب. كما أشار بعضهم إلى أن الأمور تفاقمت لاحقًا مع لجوئه إلى مواد غير قانونية، ما أدى إلى انهيار وضعه المالي وانتهى به المطاف إلى التشرد.
انقسام حاد في الرأي العام
ردود الفعل على تصرف ويلسون جاءت منقسمة بحدة. فريق رأى فيما قامت به محاولة إنسانية لإعادة جزء من الكرامة لممثل فقد كل شيء، معتبرين أن أي مساعدة—even لو كانت محدودة—أفضل من تجاهل معاناته.
في المقابل، انتقد آخرون الأسلوب المتبع، واعتبروا أن ما جرى لا يتجاوز كونه “تجميلاً على الرصيف”، لا يلامس جذور الأزمة الحقيقية، بل قد يحول معاناة إنسانية عميقة إلى محتوى رقمي يحقق انتشارًا دون حل فعلي.
زملاء الأمس… حزن وحنين
القضية وصلت أيضًا إلى زملائه السابقين في المسلسل الشهير. ففي بودكاست
“Ned’s Declassified Podcast Survival Guide”، تحدث كل من ديفون فيركهايزر، ودانييل كورتيس لي، وليندسي شو عن الواقعة، معبرين عن صدمتهم وحزنهم الشديد.
وصف دانييل المشهد بالمخيف والمؤلم، بينما أكدت ليندسي شو أنها تفتقد تايلور كثيرًا، وتحبه، وتتمنى لقاءه والحديث معه، في رسالة إنسانية تعكس عمق الروابط التي جمعتهم في مرحلة مبكرة من حياتهم.
مسيرة بدأت باكرًا… وانطفأت مبكرًا
تايلور تشيس بدأ مسيرته الفنية في أوائل الألفينات، وحقق شهرة ملحوظة من خلال أعماله التلفزيونية، إلى جانب مشاركته في مسلسل
“Everybody Hates Chris” عام 2005، وفيلم
“Good Time Max” عام 2008، قبل أن تتلاشى الأضواء تدريجيًا من حوله.
قصة تتجاوز فردًا واحدًا
قصة تشيس لم تعد مجرد حكاية نجم سابق، بل تحولت إلى مرآة تعكس هشاشة النجومية المبكرة، وتعقيدات الصحة النفسية، وحدود العمل الخيري في عصر السوشيال ميديا. وبين التعاطف الصادق والانتقاد المشروع، يبقى السؤال الأهم معلقًا:
هل يكفي التعاطف العابر لإنقاذ إنسان، أم أن ما يحتاجه تايلور تشيس—وغيره كثيرون—أعمق وأطول من فيديو مؤثر وحملة تبرعات محدودة؟
