السابعة الاخبارية
فيس بوك، في خطوة لافتة تعكس تحولات عميقة في استراتيجية منصات التواصل الاجتماعي، بدأ فيس بوك اختبار نظام جديد يقوم على فرض قيود ورسوم غير مباشرة على مشاركة الروابط الخارجية، في تجربة تفتح بابًا واسعًا للنقاش حول مستقبل المحتوى الإخباري وانتشاره، ودور المنصات الكبرى في التحكم بحركة المعلومات على الإنترنت، خاصة مع تصاعد الاعتماد على الاشتراكات المدفوعة كمصدر رئيسي للدخل.
فيس بوك واختبار محدود يحمل رسائل واسعة
رغم وصف شركة ميتا للتجربة بأنها محدودة النطاق، فإن دلالاتها تتجاوز حدود الاختبار، فالمبدأ نفسه القائم على تقييد الروابط يثير مخاوف لدى المستخدمين والناشرين على حد سواء، إذ أصبح نشر الروابط أحد أعمدة التفاعل اليومي على فيس بوك، سواء لمشاركة الأخبار أو المقالات أو حتى المحتوى الترفيهي، ما يجعل أي تغيير في هذه الآلية مؤثرًا بشكل مباشر في سلوك المستخدمين.

الفرق بين المستخدم المجاني والمشترك
يعتمد النظام الجديد على منح أولوية أكبر للمستخدمين المشتركين في خدمة ميتا الموثق، حيث يُسمح لهم بمشاركة عدد أكبر من الروابط شهريًا، مقابل تقييد واضح على الحسابات غير المشتركة، وهو ما يخلق فاصلًا جديدًا بين مستخدم وآخر داخل المنصة، لا يقوم على عدد المتابعين أو جودة المحتوى، بل على القدرة على الدفع، في تحول يعكس فلسفة اقتصادية مختلفة عن تلك التي اعتاد عليها جمهور فيس بوك لسنوات طويلة.
انعكاسات مباشرة على صناع المحتوى
يشكل هذا التوجه تحديًا إضافيًا لصناع المحتوى المستقلين، الذين يعتمدون على الروابط الخارجية لتوجيه الجمهور إلى مواقعهم أو منصاتهم الخاصة، ومع تقليل عدد الروابط المسموح بها، قد يجد كثيرون أنفسهم مجبرين على تغيير استراتيجيات النشر، أو الاعتماد أكثر على المحتوى الداخلي مثل الفيديوهات القصيرة والمنشورات النصية، بما يتماشى مع تفضيلات فيس بوك الجديدة.
المحتوى الإخباري في مهب التغيير
الصحافة الرقمية كانت من أكثر القطاعات تأثرًا بتغييرات فيس بوك خلال السنوات الأخيرة، ومع هذه الخطوة الجديدة تتجدد المخاوف من تراجع حضور الأخبار على المنصة، خاصة أن تقليل مشاركة الروابط يعني بالضرورة انخفاض الزيارات القادمة من فيس بوك إلى المواقع الإخبارية، وهو ما قد ينعكس على الإيرادات والإعلانات واستمرارية بعض المنصات الإعلامية.
من التفاعل المجاني إلى النموذج المدفوع
تعكس هذه السياسة تحولا واضحا في رؤية ميتا لمستقبل فيس بوك، حيث لم يعد الهدف الأساسي هو تعظيم التفاعل المجاني، بل دفع المستخدمين تدريجيًا نحو الاشتراكات المدفوعة، عبر تقليص بعض المزايا الأساسية وربطها بالدفع، وهو نموذج أصبح شائعًا بين شركات التكنولوجيا الكبرى، في ظل تراجع الإعلانات كمصدر وحيد للدخل.
الذكاء الاصطناعي والبحث عن مصادر تمويل
يربط كثير من المتابعين هذه الخطوة بحاجات ميتا التمويلية المتزايدة، خاصة مع التوسع في استثمارات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية، وهو ما يتطلب موارد ضخمة، تدفع الشركة للبحث عن طرق جديدة لتعظيم العائد من المستخدمين أنفسهم، بدل الاعتماد الكلي على المعلنين.
هل يتغير سلوك المستخدمين
يبقى السؤال الأهم هو مدى تقبل المستخدمين لهذا التغيير، ففيس بوك بنى شعبيته على سهولة المشاركة والانفتاح، وأي قيود قد تدفع بعض المستخدمين للبحث عن بدائل أكثر مرونة، في وقت تشهد فيه منصات أخرى منافسة شرسة على جذب الجمهور، خاصة بين الفئات الشابة.
![]()
مستقبل غامض بانتظار القرار النهائي
حتى الآن لا تزال التجربة قيد التقييم، ولم تحسم ميتا موقفها بشأن التعميم أو التراجع، لكن المؤكد أن فيس بوك لم يعد المنصة ذاتها التي عرفها المستخدمون قبل سنوات، بل أصبح ساحة اختبار دائمة لنماذج اقتصادية جديدة، قد تعيد رسم خريطة المحتوى الرقمي، وتحدد من يملك حق الوصول ومن يدفع ثمنه.
