الإمارات – السابعة الإخبارية
دخلت المؤسسات التعليمية في دولة الإمارات مرحلة جديدة من المسؤوليات القانونية، بعد صدور المرسوم بقانون اتحادي رقم (26) لسنة 2025 بشأن الحماية الرقمية للأطفال، والذي أعاد صياغة دور المدارس بوصفها خط الدفاع الأول في مواجهة مخاطر العالم الرقمي، واضعًا إياها في صدارة الجهات المعنية بتوفير بيئة تعليمية آمنة، سواء في التعليم الحضوري أو عن بُعد.
ويأتي القانون في وقت يشهد فيه التعليم تحولًا متسارعًا نحو الاعتماد على التقنيات الرقمية والمنصات الإلكترونية، ما فرض تحديات متزايدة تتعلق بحماية الأطفال من المحتوى الضار، والتنمر الإلكتروني، وانتهاك الخصوصية، وسوء استخدام البيانات الشخصية. ووفقًا لمضامين التشريع الجديد، لم تعد السلامة الرقمية مسؤولية تقنية فقط، بل أصبحت منظومة متكاملة تشمل الجوانب التربوية والنفسية والقانونية.

الطلبة
تأهيل الكوادر قبل التقنية
ينص القانون على أن تعزيز الأمان الرقمي داخل المدارس لا يقتصر على تركيب أنظمة الحماية أو برامج المراقبة، بل يتطلب تأهيل الكوادر التعليمية والإدارية عبر برامج تدريبية متخصصة، بالتعاون مع الجهات المختصة، لرفع مستوى الوعي بأمن المعلومات، وتمكين المعلمين من التعامل مع القضايا الرقمية التي قد يتعرض لها الطلبة داخل أو خارج الصفوف الافتراضية.
وفي هذا السياق، أوضح معتز فانوس، المحامي والمستشار القانوني، أن التشريع الجديد يمثل نقلة نوعية في تنظيم السلامة الرقمية للأطفال، قائلاً إن القانون يهدف إلى الحد من تعرض الأطفال للمحتوى الضار، وحمايتهم من التنمر الإلكتروني، مع ضمان احترام حقوقهم الرقمية وكرامتهم الإنسانية.
وأضاف فانوس أن القانون يُلزم جميع المدارس الحكومية والخاصة بتطبيق أحكامه دون استثناء، بما يضمن توفير بيئة تعليمية آمنة وخالية من أي تمييز، ويضع أطرًا واضحة لحماية الطفل جسديًا ونفسيًا وفكريًا داخل المؤسسات التعليمية.
أدوار واضحة ومسؤوليات محددة
ويحدد القانون مجموعة من الأهداف الجوهرية داخل البيئة المدرسية، أبرزها تنظيم آليات حماية الطفل، وتحديد أدوار ومسؤوليات العاملين وأولياء الأمور، ووضع نظام فعّال للإبلاغ عن حالات الإساءة أو انتهاك الحقوق، إلى جانب تعزيز السلوك الإيجابي وبناء علاقات مدرسية سليمة، ورفع كفاءة العاملين في الميدان التربوي.
كما تتكامل أحكام القانون مع السياسة الوطنية لحماية الطفل في المؤسسات التعليمية الصادرة عام 2022، والتي تفرض على المدارس التزامات إضافية، من بينها تعيين مسؤول مختص بحماية الطفل، وحظر جميع أشكال العنف والإساءة، ونشر قنوات واضحة للإبلاغ، والحفاظ على سرية معلومات الطلبة، وعدم استخدام بياناتهم أو صورهم إلا بعد الحصول على موافقة أولياء الأمور.

أمان نفسي واجتماعي للطلبة
من جانبها، أكدت آلاء القدرة، مختصة اجتماعية، أن المسؤوليات التي حدّدها القانون تمثل خط الدفاع الأول لحماية الأطفال، خاصة في ظل التوسع الكبير في استخدام التقنيات الرقمية في التعليم. وأوضحت أن وجود مختصين بحماية الطفل داخل المدارس، إلى جانب قنوات إبلاغ واضحة، يعزز شعور الطلبة بالأمان النفسي والاجتماعي، ويشجعهم على التعبير عن أي انتهاك قد يتعرضون له.
وأضافت أن الحفاظ على سرية بيانات الطلبة واحترام خصوصيتهم الرقمية يرسخ الثقة بين الطالب والمؤسسة التعليمية، ويحد من المخاطر المرتبطة بالفضاء الإلكتروني، مشددة على أن الوقاية تبدأ برفع وعي العاملين في الميدان التربوي بحقوق الطفل وآليات حمايته.
تكامل الأدوار لحماية المستقبل
ويؤكد مختصون أن نجاح تطبيق القانون يعتمد على تكامل الأدوار بين المدرسة والأسرة والجهات المعنية بحماية الطفل، إذ إن التعاون المشترك يسهم في الوقاية من المخاطر قبل وقوعها، ويعزز ثقافة الاستخدام الآمن والمسؤول للتقنيات الرقمية.
ومع دخول القانون حيّز التنفيذ، تجد المدارس نفسها أمام اختبار حقيقي لترجمة النصوص القانونية إلى ممارسات يومية، تضمن للطفل بيئة تعليمية رقمية آمنة، وتواكب في الوقت نفسه التحولات المتسارعة في عالم التعليم، بما يحفظ حقوق الأجيال القادمة ويصون سلامتهم في العالمين الواقعي والافتراضي
