باريس، محمد الصو – السابعة الاخبارية
بريجيت باردو، توفيت أسطورة السينما الفرنسية بريجيت باردو، اليوم الأحد، عن عمر ناهز 91 عامًا، داخل منزلها الكائن جنوب فرنسا، لتسدل الستار على حياة حافلة بالفن والجدل والتأثير الإنساني. وبرحيلها، يفقد العالم واحدة من أبرز أيقونات السينما الأوروبية في القرن العشرين، واسمًا ارتبط بالتحرر الفني والجمال والتمرد، قبل أن يتحول لاحقًا إلى رمز عالمي للدفاع عن حقوق الحيوان.
وأعلنت مؤسسة بريجيت باردو، بحزن بالغ، وفاة مؤسستها ورئيستها، مؤكدة أن الراحلة فارقت الحياة بهدوء في منزلها، دون الكشف عن سبب الوفاة أو تفاصيل مراسم الجنازة، التي يُتوقع أن تقتصر على نطاق ضيق احترامًا لرغبتها السابقة في الابتعاد عن الأضواء.
Brigitte Bardot, convicted 6 times for inciting racial hatred, has died. Bardot’s legacy includes repeated Islamophobic statements, calling the residents of Réunion island “degenerate savages”, supporting far right politician Marine Le Pen and dismissing #MeToo as “hypocritical”. pic.twitter.com/u76r942Hd9
— Louis Pisano (@LouisPisano) December 28, 2025
بريجيت باردو… من باريس إلى العالمية
وُلدت بريجيت آن ماري باردو في العاصمة الفرنسية باريس عام 1934، لعائلة كاثوليكية محافظة ميسورة الحال. منذ سنواتها الأولى، أظهرت ميولًا فنية واضحة، فالتحقت بدراسة الباليه في المعهد الموسيقي الفرنسي، بالتوازي مع عملها كعارضة أزياء، وهو ما مهّد لدخولها المبكر عالم الشهرة.
وفي سن الخامسة عشرة، ظهرت على غلاف مجلة Elle، لتلفت الأنظار بجمالها المختلف وحضورها اللافت، قبل أن تفتح لها تلك الإطلالة الأبواب الأولى نحو عالم السينما، الذي لم تكن تدري آنذاك أنها ستصبح أحد أبرز رموزه.

بريجيت باردو والنجومية المبكرة
بدأت المسيرة الفنية لبريجيت باردو فعليًا في أوائل الخمسينيات، بعد زواجها من المخرج وكاتب السيناريو الفرنسي روجيه فاديم عام 1952، وهي في الثامنة عشرة من عمرها. شاركت في أدوار صغيرة بعدد من الأفلام، من بينها فيلم Doctor at Sea، حيث لفتت الأنظار بأدائها الطبيعي وحضورها العفوي.
لكن الانطلاقة الحقيقية جاءت مع فيلم And God Created Woman، الذي شكّل نقطة تحول حاسمة في حياتها الفنية، وجعل منها نجمة من الصف الأول، ليس في فرنسا فقط، بل على المستوى العالمي، بعدما جسدت شخصية فتاة متمردة تعيش بحرية في سان تروبيه، متحدية الصورة النمطية السائدة آنذاك.
بريجيت باردو وأفلام صنعت التاريخ
خلال أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، أصبحت بريجيت باردو الاسم الأبرز في السينما الفرنسية، وشاركت في مجموعة من أهم الأفلام التي رسّخت مكانتها الفنية، من بينها The Truth، وVery Private Affair، وContempt، حيث تعاونت مع كبار المخرجين، وقدّمت أدوارًا عكست تحوّل السينما الأوروبية نحو الجرأة والواقعية.
لم تكن باردو مجرد ممثلة جميلة، بل مثلت ظاهرة ثقافية كاملة، وأصبحت رمزًا للتحرر والأنوثة غير التقليدية، وأثّرت في الموضة والفن ونظرة المجتمع للمرأة خلال تلك المرحلة.
بريجيت باردو وقرار الاعتزال الصادم
في عام 1973، وبينما كانت في قمة نجاحها، فاجأت بريجيت باردو جمهورها بإعلان اعتزالها التمثيل نهائيًا، وهي في التاسعة والثلاثين من عمرها. برّرت قرارها حينها بشعورها بالإرهاق النفسي من حياة النجومية والضغوط الإعلامية، مؤكدة أنها لم تعد ترى نفسها جزءًا من هذا العالم الصاخب.
كان القرار صادمًا، لكنه مثّل بداية مرحلة جديدة في حياتها، اختارت فيها طريقًا مختلفًا بعيدًا عن الأضواء، وأكثر ارتباطًا بقناعاتها الإنسانية.
بريجيت باردو وحقوق الحيوان
بعد اعتزالها الفن، كرّست بريجيت باردو حياتها للدفاع عن حقوق الحيوان، وأسست عام 1986 مؤسسة تحمل اسمها، هدفت من خلالها إلى مكافحة إساءة معاملة الحيوانات، والدفاع عن القوانين التي تضمن رفاهيتها.
أصبحت باردو من أبرز الأصوات العالمية في هذا المجال، ولم تتردد في إثارة الجدل أو توجيه انتقادات حادة للسياسات والممارسات التي رأت أنها تنتهك حقوق الحيوانات، مستفيدة من شهرتها العالمية لخدمة قضاياها الإنسانية.
بريجيت باردو… حياة شخصية تحت الأضواء
في حياتها الخاصة، تزوجت بريجيت باردو أربع مرات، كان أولها من روجيه فاديم، ثم الممثل الفرنسي جاك شارييه، الذي أنجبت منه ابنها الوحيد نيكولاس. كما تزوجت لاحقًا من المخرج الألماني غونتر ساكس، قبل أن ترتبط في زواجها الأخير ببرنارد دورمال.
ورغم الشهرة الواسعة، اتسمت حياتها الشخصية بكثير من التقلبات والعزلة، خاصة في سنواتها الأخيرة، حيث فضّلت الابتعاد عن الإعلام والعيش بهدوء في منزلها بجنوب فرنسا.

وداع بريجيت باردو… إرث لا يموت
برحيل بريجيت باردو، يودّع العالم فصلًا استثنائيًا من تاريخ السينما والثقافة الأوروبية. إرثها لا يقتصر على أفلام خالدة أو صور أيقونية، بل يمتد إلى تأثيرها العميق في الفن والمجتمع، وإلى رسالتها الإنسانية التي تبنّتها حتى آخر أيامها.
ستبقى بريجيت باردو اسمًا لا يُنسى، وأسطورة تجاوزت حدود الشاشة، لتصبح رمزًا عالميًا للحرية، والاختيار، والدفاع عن الضعفاء.
