الأردن، محمد الصو – السابعة الاخبارية
سليمان عبود، غيّب الموت الفنان الأردني سليمان عبود عن عمر يناهز 54 عامًا، في العاصمة النمساوية فيينا، إثر إصابته بجلطة دماغية مفاجئة، لتنطفئ بذلك مسيرة فنية امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، شكّل خلالها أحد الأصوات المميزة في الغناء الأردني والعربي. خبر وفاته شكّل صدمة كبيرة في الوسط الفني وبين جمهوره، خاصة أنه جاء بعيدًا عن وطنه الذي طالما غنّى له وحمل قضاياه في أعماله.
ونعت نقابة الفنانين الأردنيين الراحل مساء السبت، مؤكدة أن تفاصيل الجنازة والعزاء سيتم الإعلان عنها لاحقًا بعد وصول جثمانه إلى الأردن، وسط حالة من الحزن العميق التي عمّت الأوساط الثقافية والفنية.
سليمان عبود في ذاكرة زملائه… صدمة وحزن
نعى عدد كبير من الفنانين الأردنيين والعرب الراحل بكلمات مؤثرة، كان أبرزها ما نشرته الفنانة ديانا كرزون، التي شاركت صورة للفنان الراحل وكتبت:
«إنا لله وإنا إليه راجعون، الفنان والأخ والصديق وعِشرة العمر سليمان عبود في ذمة الله».
View this post on Instagram
وأضافت بكلمات حملت ألم الفقد: «الخبر صدمة، وما فيه شيء بقدر أحكيه غير لا حول ولا قوة إلا بالله، ربنا يصبّر عيلتك وأولادك على فراقك يا صاحب أطيب قلب»، في تعبير صادق عن المكانة الإنسانية التي كان يتمتع بها الراحل بين زملائه.
بدايات سليمان عبود… من الكويت إلى الأردن
وُلد سليمان عبود في الأردن، وبدأ مشواره الفني عام 1991 أثناء إقامته في دولة الكويت، حيث صقل موهبته الغنائية في مرحلة مبكرة، قبل أن يعود إلى بلده الأم ليبدأ رحلة فنية حقيقية تركت أثرًا واضحًا في المشهد الغنائي المحلي.
كانت أولى أغنياته وطنية بعنوان «الله يرعى الوطن»، وهو اختيار عكس مبكرًا ارتباطه بالأغنية الوطنية وحرصه على تقديم محتوى يحمل رسالة ومعنى، وهو النهج الذي ظل ملازمًا له طوال مسيرته.

سليمان عبود والتتويج الفني الأول
شهد عام 2000 محطة مهمة في مسيرة سليمان عبود، حين شارك في مهرجان الأغنية العربية للإذاعة والتلفزيون، وحقق نجاحًا لافتًا بحصوله على جائزة أفضل أداء عن أغنية «آخر البوح» من كلمات الشاعر الأردني حيدر محمود. هذا الإنجاز شكّل اعترافًا رسميًا بموهبته، وفتح أمامه آفاقًا أوسع في الساحة الغنائية.
منذ تلك اللحظة، أصبح اسم سليمان عبود حاضرًا بقوة في المهرجانات والحفلات، وارتبط بصوت دافئ وأداء صادق يلامس إحساس الجمهور.
أعمال سليمان عبود… تنوع وحضور
قدّم سليمان عبود خلال مسيرته عددًا من الأعمال الغنائية التي تنوعت بين العاطفي والوطني والتراثي، ومن أبرزها:
- «يا حياتي عليك» من كلمات عمر العبداللات
- «عتبي عليك»
- إعادة تقديم أعمال تراثية أردنية وفلسطينية
- ألبوم اسكتشات لأغانٍ خليجية
كما شارك في أوبريتات وطنية ومهرجانات فنية داخل الأردن وخارجه، وأسهم من خلالها في ترسيخ الهوية الموسيقية الأردنية وتقديمها بروح معاصرة تحترم التراث.
سليمان عبود… فنان يتجاوز الغناء
لم تقتصر مساهمات سليمان عبود على الغناء فقط، بل امتدت إلى التلحين وكتابة الأغاني لعدد من الفنانين الأردنيين والعرب، ما منحه مكانة خاصة كفنان شامل يمتلك رؤية موسيقية متكاملة.
امتاز أسلوبه بالجمع بين الإحساس العاطفي الصادق والنبرة الوطنية الواضحة، فكانت أعماله قريبة من الناس، تعكس همومهم وأفراحهم، وتعبّر عن انتماء حقيقي للأرض والإنسان.
سليمان عبود ودعم الرياضة الأردنية
في سنواته الأخيرة، واصل سليمان عبود حضوره الفني، حيث شارك في مهرجان جرش 2025، وأعاد بث أغنيته الشهيرة «يلا يا النشامى» خلال مشاركة المنتخب الأردني في بطولة كأس العرب 2025، في موقف عبّر عن دعمه الدائم للرياضة الأردنية واعتزازه بالإنجازات الوطنية.

كان صوته حاضرًا في المناسبات الوطنية والرياضية، مؤكدًا أن الفن بالنسبة له رسالة قبل أن يكون مجرد شهرة.
وداع سليمان عبود… غياب لا يُنسى
من المقرر أن تُشيّع جنازة الفنان الراحل سليمان عبود من أحد مساجد الأردن، ليُوارى الثرى في مقابر الأسرة، وسط حضور عائلته ومحبيه وعدد من زملائه في الوسط الفني، على أن يُعلن لاحقًا عن تفاصيل العزاء.
برحيله، يخسر الأردن صوتًا صادقًا وفنانًا ملتزمًا، ترك بصمة واضحة في الأغنية الوطنية والعاطفية، وسيبقى اسمه حاضرًا في ذاكرة الجمهور الذي أحب فنه واحترم إنسانيته.
سليمان عبود لم يكن مجرد مطرب، بل حالة فنية وإنسانية ستظل حاضرة رغم الغياب.
