أمريكا – السابعة الإخبارية
في حدثها السنوي الأخير “Awe Dropping”، الذي أقيم في 9 سبتمبر الجاري، اختارت آبل أن تفتتح فعالياتها بشهادات مؤثرة لمستخدمين حقيقيين ساهمت ساعات Apple Watch في إنقاذ حياتهم عبر ميزاتها الصحية السابقة، من الكشف المبكر عن اضطرابات القلب إلى استدعاء المساعدة في حالات الطوارئ. هذه البداية الإنسانية كانت تمهيداً للكشف عن أبرز ابتكار في Apple Watch Series 11: ميزة تنبيه ارتفاع ضغط الدم.
موافقة تاريخية من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية
ورغم أن الإعلان لم يترافق في البداية مع ترخيص طبي رسمي، فإن تقارير وكالة “بلومبرج” أكدت لاحقاً أن الميزة حصلت على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، وهو ما يمنحها الشرعية الطبية اللازمة ويمهّد لتوفرها في أكثر من 150 دولة عند بدء شحن Watch Series 11 وUltra Watch 3 في 19 سبتمبر الجاري.
هذه الخطوة لا تعد مجرد تحديث تقني، بل تمثل قفزة نوعية في مسار دمج الأجهزة القابلة للارتداء بالتشخيص الطبي المبكر، بما ينسجم مع توجهات عالمية نحو تعزيز دور التكنولوجيا في دعم أنظمة الرعاية الصحية.

كيف تعمل الميزة الجديدة؟
الميزة لا تعتمد على قياس ضغط الدم بشكل مباشر، كما تفعل الأجهزة الطبية التقليدية التي تستخدم أصفاد ضغط هوائية، بل تستند إلى المستشعر البصري للقلب المدمج في الساعة. الجديد هو أن آبل أضافت خوارزمية متقدمة للتعلم الآلي، تم تطويرها عبر دراسة ضخمة شملت أكثر من 100 ألف مشارك.
تقوم الساعة بمراقبة أنماط القلب بشكل مستمر على مدار شهر كامل، ثم تستخدم الذكاء الاصطناعي لاكتشاف مؤشرات مرتبطة باحتمال الإصابة بارتفاع ضغط الدم. عند وجود أنماط مثيرة للقلق، ترسل الساعة إشعاراً مباشراً للمستخدم ينبهه لاحتمال وجود خلل يستدعي مراجعة الطبيب.
بهذا الأسلوب، تقدم آبل أداة وقائية استباقية، لا تهدف إلى الاستغناء عن الأجهزة الطبية، وإنما لزيادة وعي المستخدمين وتحفيزهم على إجراء فحوصات دورية، خصوصاً أن ضغط الدم المرتفع يعد من أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً، ويؤثر على أكثر من مليار شخص حول العالم، وغالباً ما يتم اكتشافه في مراحل متأخرة.
تراكُم الابتكارات الصحية
ليست هذه المرة الأولى التي تحصل فيها آبل على اعتراف رسمي بميزات صحية مبتكرة.
• في العام الماضي، وافقت الـFDA على ميزة المعينات السمعية التي حولت الجيل الثاني من AirPods Pro إلى أجهزة مساعدة سمعية يمكن شراؤها دون وصفة طبية، لتلبية احتياجات من يعانون ضعف سمع طفيف إلى متوسط.
• كما حصلت الشركة مؤخراً على موافقة ميزة اكتشاف انقطاع التنفس أثناء النوم، لتضيف بعداً جديداً لدورها في تتبع جودة النوم.
• قبلها، كانت ميزة تخطيط القلب ECG في ساعاتها السابقة قد حظيت بإشادات واسعة بعد مساهمتها في إنقاذ آلاف الحالات عبر التنبيه المبكر لاضطرابات خطيرة.
هذه التراكمات تجعل من Apple Watch منصة متكاملة للرعاية الصحية الرقمية، تتجاوز دورها كأداة للياقة البدنية إلى كونها شريكاً طبياً ذكياً للمستخدم.

تحديات قانونية وتنظيمية
لكن النجاح لا يخلو من تحديات، إذ تواجه آبل حالياً دعوى قضائية مرتبطة بإعادة تصميم ميزة قياس مستوى الأكسجين في الدم في ساعاتها الذكية، وهي قضية تعكس التوازن الدقيق الذي تحاول الشركة الحفاظ عليه بين الابتكار السريع ومتطلبات السلامة الطبية والتنظيمية الصارمة.
هذا التحدي يوضح أن دخول الشركات التقنية إلى المجال الطبي يفرض عليها مواجهة معايير أكثر صرامة من تلك المعتادة في صناعة التكنولوجيا، وهو ما قد يبطئ أحياناً من وتيرة إطلاق بعض الميزات.
أهمية الميزة للمستخدمين والأسواق
من الناحية العملية، يتوقع أن تحدث ميزة تنبيه ضغط الدم تأثيراً ملموساً في الأسواق، خصوصاً في الدول التي تشهد نسباً مرتفعة من أمراض القلب والأوعية الدموية. في الإمارات والسعودية مثلاً، حيث تسجل معدلات ارتفاع ضغط الدم والسكري نسباً مرتفعةبين السكان، قد تصبح الساعة خياراً جذاباً ليس فقط لعشاق التكنولوجيا، بل أيضاً للأشخاص الباحثين عن وسيلة لمراقبة صحتهم بشكل استباقي.
كما أن هذه الخطوة قد تزيد من اعتماد المؤسسات الصحية وشركات التأمين على تقنيات آبل كجزء من برامج الوقاية الصحية، وهو ما يفتح الباب أمام شراكات جديدة تعزز مكانة الشركة كلاعب رئيسي في قطاع الصحة الرقمية.
آبل بين التقنية والصحة
في النهاية، تمثل Apple Watch Series 11 بأحدث ميزاتها مثالاً واضحاً على التقاطع بين التكنولوجيا والطب. وبينما ينظر البعض إلى هذه الميزات كإضافات رفاهية، يرى آخرون أنها بداية ثورة في مجال الرعاية الصحية الشخصية، حيث يمتلك المستخدم جهازاً ذكياً يرافقه طوال اليوم ويمنحه إشارات مبكرة قد تنقذ حياته.
ومع تراكم النجاحات والابتكارات، يبدو أن آبل تسير بخطى واثقة نحو ترسيخ موقعها ليس فقط كشركة أجهزة إلكترونية رائدة، بل أيضاً كواحدة من أبرز القوى المحركة لمستقبل الصحة الرقمية العالمية.
