متابعات- السابعة الإخبارية
من جديد، تثير الفنانة اللبنانية إليسا سجالا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي لدعوتها اللاجئين في لبنان إلى العودة إلى بلدانهم، ما جر عليها انتقادات لاذعة تضمنت اتهامات للمغنية بـ “الترويج لخطاب تحريضي ضد اللاجئين”.
انطلق الجدل هذه المرة بعد أن أعادت إليسا مشاركة مجموعة تغريدات تنتقد وجود اللاجئين الفلسطينيين والسوريين في لبنان وتعتبرهم “عبئا يرهق كاهل الدولة اقتصاديا وسياسيا”.
وتأتي تلك التغريدات على خلفية تصاعد التوتر في المنطقة خلال الأيام الماضية إثر إطلاق عشرات الصواريخ من جنوب لبنان، اتهمت إسرائيل مجموعات فلسطينية بالوقوف خلفها.
ونشرت إليسا على حسابها على تويتر تغريدات لصحفيين ونشطاء تنتقد الوجود السوري والفلسطيني في لبنان كما توجه سهام النقد لحزب الله.
وبعد تلك المشاركات، وجدت إليسا نفسها أمام حملة هجوم وانتقادات، ما اضطرها للرد عبر تغريدة أكدت فيها احترامها لكل الشعوب العربية.
وأضافت “لا أعتقد بأنني أهين أحدا عندما أطالب بعودته لوطنه لأنه وطن الإنسان كرامته. لأني بحبكن بتمنى ترجعوا كلكن لأوطانكن”.
ومع استمرار الهجوم عليها، عادت إليسا لتبدي استغرابها مما طالها من اتهامات، إلا أن ذلك لم يخفف من حدة الانتقادات.
“سقطة جديدة”
ورغم أن إليسا لم تحدد هوية من طالبتهم بمغادرة لبنان، إلا أن كثيرين اتهموها بتبني “بخطابات شعبوية لا تليق بفنانة اعتادوا منها الحديث بلسان مناهض لكل أشكال العنف والتمييز”.
ويقول البعض أن تدوينات إليسا تتقاطع مع الخطابات السياسية والحملات الحزبية التي تحمل اللاجئ السوري مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية في لبنان.
لذا يرى معلقون أن إليسا وقعت في فخ التحريض على اللاجئين. بل إن البعض اعتبرها مثالا للفنانة “العنصرية والمسيسة”.
وحرص معلقون على تذكير الفنانة بالشروط والقيود الدولية التي تمنع الفلسطينيين من مغادرة لبنان باتجاه بلد آخر.
كما أشار معلقون سوريون إلى أن ظروف العودة الآمنة لبلدهم لا تزال صعبة المنال بالنسبة للبعض.
وتحدث بعضهم عن جملة من المخاطر التي واجهها أولئك الذين عادوا طواعية.
كذلك دعا آخرون الفنانة إلى عدم الخلط بين اللاجئين والفصائل السياسية.
“صاحبة رأي”
في المقابل، أعرب آخرون عن تفهمهم لإليسا واتهموا منتقديها بتحوير كلامها ،حتى إن البعض اعتبرها “محقة” في دعوتها للاجئين بالعودة لبلدانهم.
ويبرر مؤيدو إليسا موفقهم بأن الظروف في المنطقة باتت ملائمة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم لافتين إلى “لبنان تحمل أعباء لم يتحملها غيره من الدول العربية”.
كما ذكر آخرون بمواقف سابقة لإليسا للتأكيد على دعمها للفلسطينيين وقضايا المنطقة.
وثمة أيضا من دافع عن حق مغنيته المفضلة في التعبير عن رأيها في القضايا التي تمس وطنها.
وصفها بالبعض بـأنها ” صاحبة رأي وموقف”.
أصالة على الخط
وقد بلغ الجدل حول تدوينات إليسا أشده بعد أن انخرطت الفنانة السورية أصالة نصري في الرد على زميلتها.
ودعت الفنانة السورية المعروفة بمواقفها المعارضة لحكم الرئيس السوري بشار الأسد، إلى مراعاة ظروف اللاجئين الصعبة.
وتابعت في تغريدة : “كلنا بالأرض لاجئين ولا أحد يملك أي مكان بأي أرض، كلّنا زوار مهما طالت زيارتنا.. يجب أن نرحم بعض، الدنيا صعبة وظروف الناس صعبة، ولا أحد واضع فوق رأسه خيمة وماهو متاح اليوم قد لا يكون متاحا في الغد”.
نالت تغريدة أصالة إعجاب مجموعة من المعلقين ممن رأوا أن إليسا لم تراع حق الزمالة مع فنانين كثر اضطرتهم الظروف للعيش خارج أوطانهم.
وعلى النقيض من ذلك، شن آخرون هجوما على أصالة واتهموها باستغلال الموقف.
في حين سارعت أصالة للرد على الاتهام مؤكدة أن الاختلاف في الآراء لن يؤثر على علاقتها مع زميلتها.
حيادية الفنان
الأحداث الملتهبة التي عاشتها المنطقة العربية، دفعت العديد من النجوم للدخول إلى معمعة السياسة ما تسبب في حالة من عدم الراحة لدى جمهورهم. فهل يُنتظر من الفنان الاحتفاظ بمواقفه، حتى لا تتأثر شعبيته؟ وأليس الفنان مواطنا عاديا؟ وهل يجب أن ينحصر دوره في تقديم الأعمال الفنية فقط؟
وفي السجال الدائر حول تغريدات إليسا ورد أصالة عليها تثار الأسئلة الخاصة بالعلاقة بين الفن والسياسة ودور الفنان في الجدل السياسي.
فقد وضع البعض التدوينات التي شاركتها إليسا في خانة حرية التعبير التي تسمح لأي فنان بالإدلاء برأيه السياسي كأي مواطن آخر.
وثمة من يرى أن التوجه لمنع الفنان من التعبير عن موقف سياسي أو اجتماعي يتنافى مع دعوات الجماهير التي تطالب دوما الفنان العربي بإثراء تجربته سياسيا واجتماعيا.
ويُعرف البعض الفنان، بأنه الشخص الذي يمتلك الشجاعة الكافية في التعبير عن آرائه تجاه القضايا الهامة.
وأما بالنسبة لتراجع شعبية الفنان بمجرد إفصاحه عن آرائه السياسية، فتلك مسألة يعتبرها البعض مرحلة عابرة وطبيعية في حياة كل فنان. فثمة من يرى أن الرصيد الفني هو الذي سيبقى راسخا في أذهان المتفرج بعد رحيل الفنان.
في حين يرفض فريق آخر فكرة أن يعبر الفنان العربي عن مواقفه وميوله السياسية.
فمنهم من يرى أنّ الدول العربية “مسيسة ومقسمة حزبيا ودينيا”، خلافا للمجتمعات الأخرى التي تتمتع بهامش من الحرية والإبداع مما يخفف الضغط على الفنان.
بينما يقول البعض إن إليسا جانبها الصواب في التعبير عن آرائها السياسة، فوقعت بذلك في سقطة أخرى.
من جهة أخرى، استدل آخرون بتصريحات سابقة وضعت الفنانة في مرمى الانتقادات . من بينها موفقها من الفنان المغربي سعد لمجرد.
ولا تعد تصريحات إليسا الأولى من نوعها، فقد توجهت بدعوة مماثلة للاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين في عام 2019.
وعللت الفنانة آنذاك كلامها بعدم قدرة لبنان على استيعاب تلك الأعداد الكبيرة من اللاجئين.
وتشكو الحكومة اللبنانية من أن وضع اللاجئين السوريين لم يعد يحتمل وأن الدولة أضحت عاجزة عن تحمل كلفة ضبط الأمن في مخيمات النازحين.
وتقول منظمة الأمم المتحدة إنها قدمت 9 مليارات دولار من المساعدات للبنان منذ عام 2015، غير أن أزمات لبنان المتلاحقة أغرقت فئات واسعة من اللبنانيين في فقر مدقع زادت معه نسبة الاستياء من استمرار وجود اللاجئين السوريين.